مما كتب سابقا
تعقيب على بيان الأزهر عن البهائية والبهائيين
أصدر مجمع البحوث الاسلامّية بالأزهر الشّريف بيانًا عن البهائية والبهائيين نُشِرَ في عددٍ من الصّحف المصرية والعربية بتاريخ ١٢ /١ /١٩٨٦ م ندّد فيه بهذه الدعوة الدّينية ونسب اليها البطلان مُستندًا في ذلك الى دليلين : كان دليله الأول هو منافاة تعاليمها للاسلام بجحودها القيامة والبعث والجّنة والنّار ، وإنكارها ختم النّبوّة ، وبقولها بحلول الله في شخص البهاء ، وبتبديلها الأحكام التي جاء بها الاسلام . وكان دليله الثاني هو مقاومة المجتمع الاسلامي لها إمّا باصدار الفتاوي الشرعية والقانونية ضدّها، وإمّا بصدور الأحكام القضائية بِردّة معتنقيها، وإمّا بقتل وتنكيل أتباعها كما حدث في ايران . وأنهى مجمع البحوث الاسلامية بيانه بِحَثِّ السّلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في مصر على القضاء على هذه الفئة المظلومة والعدّة القليلة من المواطنين المسالمين لكونهم يؤمنون بالبهائية. ونظرًا لما زخر به البيان المذكور من معلومات خاطئة عن البهائية واستناده الى مراجع تُشيع عنها وتنسب اليها ما يستنكره أتباعها ، فقد انتهى الى نتائج مُجافية للواقع كان من السّهل تصحيحها لو أن مجمع البحوث الاسلامية اعتمد في بحثه على حقيقة ما يؤمن به البهائيون . لهذا يحرص هذا التعقيب أشدّ الحرص على عرض بعضٍ من الحقائق الأساسية عن البهائية ومبادئها تَدَارُكًا لما تَشابَهَ على الباحثين من امر هذه الدّعوة التي أقرّ كثيرٌ ممّن دَرَسوها من رجال الفكر في الشرق والغرب بنورانيتها وروحانيتها.
الايمان بالقرآن
إن البهائية تؤمن بكلّ ما جاء في الذّكر الحكيم ، سواء ما نصّ من آياته على ختم النبوة أو ما ذكر منها القيامة والبعث والنشور أو الجنة والنار. ولكن لا يرى البهائيون ضرورة التقيّد ، وعلى الأخصّ فيما كان غير واضح الدّلالة من آياته، بما ذهب اليه السابقون في تفاسيرهم. ووجه التّفرقة بين الالتزام بالنّص والحريّة في الفهم غنيّ عن البيان ، فالنصّ قد صدر عن الحقّ أما تأويله فقد جاء من الخلق . وعلّة رفض البهائيين لما ذهب إليه أكثر السّلف من المفسّرين هو نقصه . فقد انقسم هؤلاء المفسرون بصفة عامّة الى فريقين : ظاهري و باطني. فاعتمد الفريق الأول في تفسير الكتاب على المفهوم اللّغوي والمعنى الظاهر لعبارة ما تصدّوا لتأويله رغم ما قد يكون في ذلك من تضييق لمعاني آياته. وفي ذلك نقص . فلو اقتصر المقصود من كتاب الله على تلك المعاني الظاهرة لما كاد أن يكون بين آياته مُتَشابِهٌ وهو ما يخالف صريح نص الكتاب . وانصرف الفريق الآخر من المفسّرين الى التأويل الباطني وغالى في ذلك حتى جاء تأويله في كثير من الأحيان غير مستقيم مع ظاهر عبارة الآيات التي يفسّرها.
ونقص المذهبين واضح لدى البهائيين الذين يعتمدون في فهم آيات كتاب الله على الاعتدال ، والتوفيق بين الاتجاهين دون إسراف في أيّ منهما مما يُتيح ، في رأيهم ، إستخراج مفاهيم تمتاز بالتوازن والعمق ومسايرة المنطق السليم والعلم المعاصر ولا يهمل شيئًا من كنوز المعاني الكامنة في الأمثال والتشبيهات والكنايات التي زخرت بها الكتب المقدسة . فحقيقة الأمر أن البهائيين ليسوا كما قيل باطنيّين ولا ظاهريّين أو ان شئت هم كلاهما معًا ، اتباعًا لقول بهاء الله : « من أخذ الباطن بايقاع الظّاهر عليه فهو عالم كامل »*1* واستعراضًا لبعض ما يحققه هذا المنهج للباحث من عمق في فهم الكتب المقدّسة يحسن بنا أن نُلقي نظرة في ضوئه على معنى لفظي الحياة والموت الّلذين كثُر تكرارهما في القرآن الكريم. لا يقتصر فهم البهائيين لهذين الّلفظين على معناهما المباشر أي الحياة الجسدية والموت الجسدي وإنما يضيفون الى ذلك أيضًا ، اذا سمح سياق النصّ ، المعنى البعيد ألا وهو الحياة الرّوحية والموت الروحي. وبذلك يسهل عليهم فهم قوله تعالى : ” أو من كان مَيْتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها”(الانعام ١٢٢) _ . ان المعنى الروحي للحياة والموت يبدو أكثر استقامة مع المنطق في فهم هذه الآية مما لو اقتصرنا في تفسيرها على المعنى الحرفي ألا وهو الموت الجسدي والحياة الجسدية . وكذلك الحال في تفسير قوله تعالى :
” ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل احياءٌ عند ربهم يرزقون” – (آل عمران ١٦٩)- . وبنفس هذا المنهج وبذات هذا الاعتدال يستخرج البهائيون أيضًا مفوهمهم ” للبعث ” و” النشور” و” القيامة ” و ” الجنة ” و ” النار ” . وليت المناوئين بيّنوا أسباب رفضهم لهذا المنهج بدلاً من رميه بالكفر والجحود وغير ذلك من عبارات هي أقرب الى التّطرّف وإثارة الحميّة منها الى ما يقتضيه البحث العلمي من اعتدال وموضوعية .
ونقص المذهبين واضح لدى البهائيين الذين يعتمدون في فهم آيات كتاب الله على الاعتدال ، والتوفيق بين الاتجاهين دون إسراف في أيّ منهما مما يُتيح ، في رأيهم ، إستخراج مفاهيم تمتاز بالتوازن والعمق ومسايرة المنطق السليم والعلم المعاصر ولا يهمل شيئًا من كنوز المعاني الكامنة في الأمثال والتشبيهات والكنايات التي زخرت بها الكتب المقدسة . فحقيقة الأمر أن البهائيين ليسوا كما قيل باطنيّين ولا ظاهريّين أو ان شئت هم كلاهما معًا ، اتباعًا لقول بهاء الله : « من أخذ الباطن بايقاع الظّاهر عليه فهو عالم كامل »*1* واستعراضًا لبعض ما يحققه هذا المنهج للباحث من عمق في فهم الكتب المقدّسة يحسن بنا أن نُلقي نظرة في ضوئه على معنى لفظي الحياة والموت الّلذين كثُر تكرارهما في القرآن الكريم. لا يقتصر فهم البهائيين لهذين الّلفظين على معناهما المباشر أي الحياة الجسدية والموت الجسدي وإنما يضيفون الى ذلك أيضًا ، اذا سمح سياق النصّ ، المعنى البعيد ألا وهو الحياة الرّوحية والموت الروحي. وبذلك يسهل عليهم فهم قوله تعالى : ” أو من كان مَيْتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها”(الانعام ١٢٢) _ . ان المعنى الروحي للحياة والموت يبدو أكثر استقامة مع المنطق في فهم هذه الآية مما لو اقتصرنا في تفسيرها على المعنى الحرفي ألا وهو الموت الجسدي والحياة الجسدية . وكذلك الحال في تفسير قوله تعالى :
” ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل احياءٌ عند ربهم يرزقون” – (آل عمران ١٦٩)- . وبنفس هذا المنهج وبذات هذا الاعتدال يستخرج البهائيون أيضًا مفوهمهم ” للبعث ” و” النشور” و” القيامة ” و ” الجنة ” و ” النار ” . وليت المناوئين بيّنوا أسباب رفضهم لهذا المنهج بدلاً من رميه بالكفر والجحود وغير ذلك من عبارات هي أقرب الى التّطرّف وإثارة الحميّة منها الى ما يقتضيه البحث العلمي من اعتدال وموضوعية .